والذي يظهر أن الليّ وقع بالكتاب أي : بألفاظه لا بمعانيه وحدها كما يزعم بعض الناس، بل التحريف والتبديل وقع في الألفاظ، والمعاني تبع للألفاظ، ومن طالع التوراة علم يقيناً أن التبديل في الألفاظ والمعاني، لأنها تضمنت أشياء يجزم العاقل أنها ليست من عند الله، ولا أن ذلك يقع في كتاب إلهي من كثرة التناقض في الأخبار والأعداد ونسبة أشياء إلى الله تعالى من الأكل والمصارعة وغير ذلك، ونسبة أشياء إلى الأنبياء من الكذب والسكر من الخمر والزنا ببناتهم.
وغير ذلك من القبائح التي ينزه العاقل نفسه عن أن يتصف بشيء منها، فضلاً عن منصب النبوة.
وقد صنف الشيخ علاء الدين علي بن محمد بن خطاب الباجي، رحمه الله تعالى، كتاباً في ( السؤالات على ألفاظ التوراة ومعانيه ) ومن طالع ذلك الكتاب رأى فيه عجائب وغرائب، وجزم بالتبديل لألفاظ التوراة ومعانيها، هذا مع خلوها من ذكر : الآخرة، والبعث، والحشر، والنشر، والعذاب والنعيم الأخرويين، والتبشير برسول الله ﷺ، وأين هذا من قوله تعالى ﴿ الذين يتبعون الرسول النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ﴾ وقوله تعالى وقد ذكر رسوله وصحابته.
﴿ ذلك مثلهم في التوراة ﴾