السؤال الأول : إذا كانت ( مَا ) موصولة لزم أن يرجع من الجملة المعطوفة على الصلة ذكر إلى الموصول وإلا لم يجز، ألا ترى أنك لو قلت : الذي قام أبوه ثم انطلق زيد لم يجز.
وقوله ﴿ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدّقٌ لّمَا مَعَكُمْ﴾ ليس فيه راجع إلى الموصول، قلنا : يجوز إقامة المظهر مقام المضمر عند الأخفش والدليل عليه قوله تعالى :﴿إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين﴾ [ يوسف : ٩٠ ] ولم يقل : فإن الله لا يضيع أجره، وقال :﴿إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ [ الكهف : ٣٠ ] ولم يقل : إنا لا نضيع أجرهم وذلك لأن المظهر المذكور قائم مقام المضمر فكذا ههنا.
السؤال الثاني : ما فائدة اللام في قوله ﴿لَّمّاً﴾ ؟
قلنا : هذه اللام هي لام الابتداء بمنزلة قولك : لزيد أفضل من عمرو، ويحسن إدخالها على ما يجري مجرى المقسم عليه لأن قوله ﴿إِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين﴾ بمنزلة القسم والمعنى استحلفهم، وهذه اللام المتلقية للقسم، فهذا تقرير هذا الكلام.
الوجه الثاني : وهو اختيار سيبويه والمازني والزجاج أن ( مَا ) ههنا هي المتضمنة لمعنى الشرط والتقدير ما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، فاللام في قوله ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ هي المتلقية للقسم، أما اللام في ﴿لَّمّاً﴾ هي لام تحذف تارة، وتذكر أخرى، ولا يتفاوت المعنى ونظيره قولك : والله لو أن فعلت، فعلت فلفظة ( أن ) لا يتفاوت الحال بين ذكرها وحذفها فكذا ههنا، وعلى هذا التقدير كانت ( ما ) في موضع نصب بآتيتكم ﴿وَجَاءكُمُ﴾ جزم بالعطف على ﴿ءاتَيْتُكُم﴾


الصفحة التالية
Icon