و﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ هو الجزاء، وإنما لم يرض سيبويه بالقول الأول لأنه لا يرى إقامة المظهر مقام المضمر، وأما الوجه في قراءة ﴿لَّمّاً﴾ بكسر اللام فهو أن هذا لام التعليل كأنه قيل : أخذ ميثاقهم لهذا لأن من يؤتى الكتاب والحكمة فإن اختصاصه بهذه الفضيلة يوجب عليه تصديق سائر الأنبياء والرسل ( وَمَا ) على هذه القراءة تكون موصولة، وتمام البحث فيه ما قدمناه في الوجه الأول، وأما قراءة ﴿لَّمّاً﴾ بالتشديد فذكر صاحب "الكشاف" فيه وجهين
الأول : أن المعنى : حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق له، وجب عليكم الإيمان به ونصرته
والثاني : أن أصل ﴿لَّمّاً﴾ لمن ما فاستثقلوا اجتماع ثلاث ميمات، وهي الميمان والنون المنقلبة ميماً بإدغامها في الميم فحذفوا إحداها فصارت ﴿لَّمّاً﴾ ومعناه : لمن أجل ما آتيتكم لتؤمنن به، وهذا قريب من قراءة حمزة في المعنى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٣﴾
وقال ابن عادل :
قرأ العامَّة :" لما آتيتكم " بفتح لام " لما " وتخفيف الميم، وحمزة - وحده - على كسر اللام. وقرأ الحسن وسعيد بن جبير " لَمَّا " بالفتح والتشديد.
فأما قراءة العامة ففيها خمسة أوجه :
أحدها : أن تكون " ما " موصولة بمعنى الذي، وهي مفعولة بفعل محذوف، ذلك الفعل هو جواب القسم والتقدير : واللهِ لَتُبَلِّغُنَّ ما آتيناكم من كتاب. قال هذا القائلُ : لأن لامَ القسَم إنما تقع على الفعل فلما دلت هذه اللام على الفعل حُذِف. ثم قال تعالى :﴿ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ ﴾ وهو محمد ﷺ قال : وعلى هذا التقدير يستقيم النَّظْمُ.
وقال شهاب الدينِ : وهذا الوجه لا ينبغي أن يجوز ألبتة ؛ إذ يمتنع أن تقول في نظيره من الكلام :" والله لزيداً " تريد : والله لنضربن زيداً.


الصفحة التالية
Icon