وجائز أن يكون الله عز وجل أنزل هذه الآيات بسبب القوم الذين ذُكر أنهم كانوا ارتدّوا عن الإسلام، فجمع قصّتهم وقصة من كان سبيله سبيلهم في ارتداده عن الإيمان بمحمد ﷺ في هذه الآيات. ثم عرّف عباده سُنته فيهم، فيكون داخلا في ذلك كلّ من كان مؤمنًا بمحمد ﷺ قبل أنُ يبعث، ثم كفر به بعد أن بُعث، وكلّ من كان كافرًا ثم أسلم على عهده ﷺ، ثم ارتد وهو حيٌّ عن إسلامه. فيكون معنيًّا بالآية جميعُ هذين الصنفين وغيرُهما ممن كان بمثل معناهما، بل ذلك كذلك إن شاء الله.
فتأويل الآية إذًا :"كيف يَهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم"، يعني : كيف يُرشد الله للصواب ويوفّق للإيمان، قومًا جحدُوا نبوّة محمد ﷺ "بعد إيمانهم"، أي : بعد تصديقهم إياه، وإقرارهم بما جاءَهم به من عند ربه "وَشهدوا أن الرسول حقّ"، يقول : وبعد أن أقرّوا أن محمدًا رسول الله ﷺ إلى خلقه حقًّا "وجاءهم البينات"، يعني : وجاءهم الحجج من عند الله والدلائلُ بصحة ذلك ؟. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ٥٧٥ ـ ٥٧٦﴾
فصل
قال الفخر :