والثالث : أنه لا يمكن أن يكون المراد من الهداية خلق المعرفة فيه لأن على هذا التقدير يلزم أن يكون أيضاً من الله تعالى لأنه تعالى إذا خلق المعرفة كان مؤمناً مهتدياً، وإذا لم يخلقها كان كافراً ضالاً، ولو كان الكفر من الله تعالى لم يصح أن يذمهم الله على الكفر ولم يصح أن يضاف الكفر إليهم، لكن الآية ناطقة بكونهم مذمومين بسبب الكفر وكونهم فاعلين للكفر فإنه تعالى قال :﴿كَيْفَ يَهْدِى الله قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إيمانهم﴾ فضاف الكفر إليهم وذمهم على ذلك الكفر فهذا جملة أقوالهم في هذه الآية،
وأما أهل السنة فقالوا : المراد من الهداية خلق المعرفة، قالوا : وقد جرت سنة الله في دار التكليف أن كل فعل يقصد العبد إلى تحصيله فإن الله تعالى يخلقه عقيب قصد العبد، فكأنه تعالى قال : كيف يخلق الله فيهم المعرفة وهم قصدوا تحصيل الكفر أو أرادوه والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١١١ ـ ١١٢﴾
قوله تعالى ﴿وشهدوا﴾
قال الفخر :
قوله ﴿وشهدوا﴾ فيه قولان :
الأول : أنه عطف والتقدير بعد أن آمنوا وبعد أن شهدوا أن الرسول حق، لأن عطف الفعل على الاسم لا يجوز فهو في الظاهر وإن اقتضى عطف الفعل على الاسم لكنه في المعنى عطف الفعل على الفعل
الثاني : أن الواو للحال بإضمار ( قد ) والتقدير : كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم حال ما شهدوا أن الرسول حق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١١٢﴾
فصل
قال الفخر :
تقدير الآية : كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم، وبعد الشهادة بأن الرسول حق، وقد جاءتهم البينات، فعطف الشهادة بأن الرسول حق، على الإيمان، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه، فيلزم أن الشهادة بأن الرسول حق مغاير للإيمان