وجوابه : إن مذهبنا أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والشهادة هو الإقرار باللسان، وهما متغايران فصارت هذه الآية من هذا الوجه دالة على أن الإيمان مغاير للإقرار باللسان وأنه معنى قائم بالقلب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١١٢﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى استعظم كفر القوم من حيث أنه حصل بعد خصال ثلاث
أحدها : بعد الإيمان
وثانيها : بعد شهادة كون الرسول حقاً
وثالثها : بعد مجيء البينات، وإذا كان الأمر كذلك كان ذلك الكفر صلاحاً بعد البصيرة وبعد إظهار الشهادة، فيكون الكفر بعد هذه الأشياء أقبح لأن مثل هذا الكفر يكون كالمعاندة والجحود، وهذا يدل على أن زلة العالم أقبح من زلة الجاهل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١١٢﴾
فصل
قال ابن عادل :
الاستفهام فيه كقوله :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله﴾ [ البقرة : ٢٨ ].
وقيل : الاستفهام - هنا - معناه النَّفْي كقوله :[ الخفيف ]
كَيْفَ نَوْمي عَلَى الْفِرَاش وَلَمَّا... تَشمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ ؟
وقول الآخر :[ الطويل ]
فَهَذِي سُيُوفٌ يَا صُدَبُّ بْنَ مَالِكٍ... كَثِيرٌ، وَلَكِنْ كَيْفَ بِالسَّيْفِ ضَارِبُ ؟
يعني : أين بالسيف ؟
﴿وشهدوا﴾ في هذه الجملة ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أنها معطوفة على " كَفَرُوا " و" كَفَرُوا " في محل نَصْب ؛ نعتاً لِ " قوماً " أي : كيف يهدي من جمع بين هذين الأمرين، وإلى هذا ذهب ابنُ عطيةَ والحَوْفِيُّ وأبو البقاء، وردَّه مكيّ، فقال : لا يجوز عطف " شَهِدُوا " على كَفَرُوا " لفساد المعنى. ولم يُبَيِّن جهَةَ الفساد، فكأنه فهم الترتيب بين الكفر والشهادة، فلذلك فَسَد المعنى عنده. وهذا غير لازم ؛ فإن الواو لا تقتضي ترتيباً، ولذلك قال ابن عطيةَ :" المعنى مفهوم أن الشهادة قبل الكُفْر، والواو لا تُرَتِّب ".