قال شهاب الدين :" وفيه نظر ؛ لأنه يمكن عودُه على اسم الشرط، ويُستغنَى - حينئذٍ - عن تقديره رابطاً ".
وهذا كما تقدم في الوجه الثاني ونظير هذا من الكلام أن نقول : أحلف بالله لأيهمْ رأيت، ثم ذهب إليه رجل قرشي لأحسنن إليه - تريد إلى الرجل - وهذا الوجه هو مذهب الكسائي.
وقد سأل سيبويه الخليل عن هذه الآية، فأجاب بأن " ما " بمنزلة الذي، ودخلت اللام على " ما " كما دخلت على " إن " حين قلت : والله لئن فعلت لأفعلن، فاللام التي في " ما " كهذه التي في " إن " واللام التي في الفعل كهذه اللام التي في الفعل هنا. هذا نصُّ الخليلِ.
قال أبو علي : لم يرد الخليل بقوله : إنما بمنزلة الذي كونها موصولة، بل إنها اسم كما أن " الذي " اسم وإما أن تكون حرفاً كما جاءت حرفاً في قوله :﴿ وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ ﴾ [ هود : ١١١ ] وقوله :﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا ﴾ [ الزخرف : ٣٥ ].
وقال سيبويه : ومثل ذلك ﴿ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ﴾ [ الأعراف : ١٨ ] إنما دخلت اللام على نية اليمين. وإلى كونها شرطية ذهب جماعة كالمازني والزجَّاج والفارسيّ والزمخشري.
قال أبو حيّان :" وفيه خدش لطيف جدًّا " وحاصل ما ذكر : أنهم إن أرادوا تفسير المعنى فيمكن أن يقال، وإن أرادوا تفسير الإعراب فلا يصح ؛ لأن كلاَّ منهما - أعني : الشرط والقسم - يطلب جواباً على حدة، ولا يمكن أن يكون هذا محمولاً عليهما ؛ لأن الشرط يقتضيه على جهة العمل، فيكون في موضع جزمٍ، والقسم يطلبه على جهة التعلُّق المعنويّ به من غير عملٍ، فلا موضع له من الإعراب، ومحال أن يكون الشيءُ له موضع من الإعراب ولا موضع له من الإعراب. [ وتقدم هذا الإشكال وجوابه ].


الصفحة التالية
Icon