الوجه الخامس : أن أصلها " لَمّا " - بالتشديد - فخُفِّفَتْ، وهذا قول أبي إسحاق وسيأتي في قراءة التشديد، وقرأ حمزة لما - بكسر اللام، خفيفة الميم - أيضاً - وفيها أربعة أوجه :
أحدها : وهو أغربها - أن تكون اللام بمعنى " بَعْد ".
كقول النابغة :[ الطويل ]
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لها فعَرفْتُهَا... لِسِتّةِ أعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ
يريد : فعرفتها بعد ستة أعوام، وهذا منقول عن صاحب النَّظْم.
قال شهاب الدين :" ولا أدري ما حمله على ذلك ؟ وكيف ينتظم هذا كلاماً ؟ إْ يصير تقديره : وإذْ أخذ الله ميثاق النبيين بعدما آتيتكم، ومَن المخاطب بذلك ؟ ".
الثاني : أن اللام للتعليل - وهذا الذي ينبغي أن لا يُحَاد عنه - وهي متعلِّقة بـ " لتؤمنن " و" ما " حينئذٍ - مصدرية.
قال الزمخشري :" ومعناه : لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة، ثم لمجيء رسول مصدق لتؤمنن به على أن " ما " مصدرية، والفعلان معها - أعني :" آتيناكم " و" جاءكم " - في معنى المصدرين، واللام داخلة للتعليل، والمعنى : أخذ اللهُ ميثاقهم ليؤمنن بالرسول، ولينصرنه، لأجل أن آتيتكم الكتابَ والحكمةَ، وأن الرسول الذي آمركم بالإيمان به ونُصْرَتِهِ موافق لكم، غير مخالف لكم ".