قال أبو حيّان : وظاهر هذا التعليل الذي ذكره، والتقدير الذي قدره أنه تعليلٌ للفعل المقسَم فإن عنى هذا الظاهر، فهو مخالفٌ لظاهر الآية ؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أن يكون تعليلاً لأخْذ الميثاق، لا لمتعلِّقه - وهو الإيمان - فاللام متعلقة بـ " أخَذَ " وعلى ظاهر تقدير الزمخشريِّ تكون متعلقة بقوله :﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾ ويمتنع ذلك من حيث إن اللام المتلَقَّى بها القسم لا يعمل ما بعدها فيما قبلها تقول : والله لأضربن زيداً، ولا يجوز : والله زيداً لأضربن، فعلى هذا لا يجوز أن تتعلق اللام في " لَمَا " بقوله :" لتؤمنن ".
وأجاز بعض النحويين في معمول الجواب - إذا كان ظرفاً أو مجروراً - تَقَدُّمَه، وجعل من ذلك قوله :﴿ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴾ [ المؤمنون : ٤٠ ].
وقوله :[ الطويل ]
......................... بِأسْحَم دَاجٍ عَوْضُ لا نتفَرَّقُ
فعلى هذا يجوز أن يتعلق بقوله :﴿ لَتُؤْمِنُنَّ ﴾.
قال شهاب الدين " أما تعلُّق اللام بـ ﴿ لَتُؤْمِنُنَّ ﴾ - من حيث المعنى - فإنه أظهر من تعلُّقِها بـ " أخذ " فلم يَبْقَ إلا ما ذكر من منع تقديم معمول الجواب المقترن بالام عليه، وقد يكون الزمخشريُّ ممن يرى جوازه ".
والثالث : أن تتعلق اللام بـ " أخَذَ "، أي لأجل إيتائي إياكم كيت وكيت، أخذت عليكم الميثاقَ، وفي الكلام حذفُ مضاف، تقديره : رعاية ما آتيتكم.
الرابع : أن تتعلق بـ " المِيثاق "، لأنه مصدر، أي : توثقنا عليهم لذلك.
هذه الأوجه بالنسبة إلى اللام، وأما " ما " ففيها ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أن تكون مصدرية كما تقدم عن الزمخشريِّ.