باب خلق آدم وذريته. ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا برقم (٢٨٠٥) : ٤ / ٢١٦٠، والبغوى في شرح السنة : ١٥ /٢٤٢}. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٢١٨ ـ ٢٢٠﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وعندي أن موقع هذا الشرط في الآية جار على استعمال غفل أهل العربية عن ذكره وهو أن يقع الشرط استئنافا بيانيا جوابا لسؤال، محقق أو مقدر، يتوهمه المتكلم من المخاطب فيريد تقديره، فلا يقتضي أن شرطها هو غاية للحكم المذكور قبله، بل قد يكون كذلك، وقد يكون السؤال مجرد استغراب من الحكم فيقع بإعادة ما تضمنه الحكم تثبيتا على المتكلم على حد قولهم : ادر ما تقول فيجيب المتكلم بإعادة السؤال تقريرا له وإيذانا بأنه تكلم عن بينة، نعم إن الغالب أن يكون السؤال عن الغاية وذلك كقول رؤبة، وهو من شواهد هذا :
قالت بنات العم يا سلمى وإن...
كان فقيرا معدما قالت وإن
وقد يحذف السؤال ويبقى الجواب كقول كعب بن زهير :
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم...
أذنب وإن كثرت في الأوقاويل
وقد يذكر السؤال ولا يذكر الجواب كقوله تعالى :﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر : ٤٣] فلو ذكر الجواب من قبل المشركين لأجابوا بتقرير ذلك.
فقوله :﴿وَلَوِ افْتَدَى بِهِ﴾ جواب سؤال متعجب من الحكم وهو قوله :﴿فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ﴾ فكأنه قال ولو افتدى به فأجيب بتقرير ذلك على حد بيت كعب.
فمفاد هذا الشرط حينئذ مجرد التأكيد.
ويجوز أن يكون الشرط عطفا على محذوف دل عليه افتدى : أي لن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا يجعله رهينة.


الصفحة التالية
Icon