روى الأئمة واللفظ للنسائي عن أنس قال : لما نزلت هذه الآية ﴿لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ قال أبو طلحة : إن ربنا ليسألنا من أموالنا فأشهدك يا رسول الله أني جعلت أرضي لله.
فقال رسول الله ﷺ :" اجعلها في قرابتك في حسان بن ثابت وأُبيّ بن كعب " وفي الموطأ "وكانت أحب أمواله إليه بَئرُحَاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ﷺ يدخلها ويشرب من ماء فيها طيبٍ".
وذكر الحديث.
ففي هذه الآية دليل على استعمال ظاهر الخطاب وعمومه ؛ فإن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لم يفهموا من فحوى الخطاب حين نزلت الآية غير ذلك.
ألا ترى أبا طلحة حين سمع ﴿لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ﴾ الآية، لم يحتج أن يقف حتى يرد البيان الذي يريد اللَّهُ أن ينفق منه عبادُه بآية أخرى أو سنة مبيِّنة لذلك فإنهم يحبون أشياء كثيرة.
وكذلك فعل زيد بن حارثة.
عَمِد مما يحب إلى فرس يقال له "سَبَل" وقال : اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إليّ من فرسي هذه ؛ فجاء بها ( إلى ) النبي ﷺ فقال : هذا في سبيل الله.
فقال لأسامة بن زيد "اقبضه".
فكأنّ زيداً وجد من ذلك في نفسه.
فقال رسول الله ﷺ :" إن الله قد قبلها منك " ذكره أسد بن موسى.
وأعتق ابن عمر نافعاً مولاه، وكان أعطاه فيه عبد الله بن جعفر ألف دينار.
قالت صفية بنت أبي عبيد : أظنه تأوّل قول الله عز وجل :﴿لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾.