وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ : أَنَّ الطَّعَامَ مَا يُطْعَمُ، أَيْ يُتَنَاوَلُ لِأَجْلِ الْغِذَاءِ، كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ. وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا : طَعِمَ الْمَاءَ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَكَانَ يُطْلَقُ غَالِبًا عَلَى الْخُبْزِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : أَكَلَ الطَّعَامَ مَأْدُومًا، وَعَلَى الْبُرِّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ " كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ " إِلَخْ. - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتْمًا قَوْلُهُ - تَعَالَى - : أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [٥ : ٩٦] وَعَلَى الذَّبَائِحِ أَوْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ : وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [٥ : ٥] الْآيَةَ. وَالْحِلُّ بِالْكَسْرِ : مَصْدَرُ حَلَّ الشَّيْءُ ضِدَّ حَرُمَ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ حَلِّ الْعُقْدَةِ، كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ. وَإِسْرَائِيلُ : لَقَبُ نَبِيِّ اللهِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمَعْنَاهُ " الْأَمِيرُ الْمُجَاهِدُ مَعَ اللهِ " وَقَدْ عَلِمْتَ مَا عِنْدَهُمْ فِي سَبَبِ إِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ سِفْرِ التَّكْوِينِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّتِهِ كَمَا هُوَ شَائِعٌ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ مِنَ الْأَسْفَارِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى مُوسَى فَمَا دُونَهُمَا.


الصفحة التالية
Icon