وقال الآلوسى :
﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾.
أخرج ابن المنذر وغيره عن ابن جريج قال : بلغنا أن اليهود قالت : بيت المقدس أعظم من الكعبة لأنه مهاجر الأنبياء ولأنه في الأرض المقدسة، فقال المسلمون : بل الكعبة أعظم فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فنزلت إلى ﴿مَّقَامِ إبراهيم﴾ [ آل عمران : ٩٧ ] وروي مثل ذلك عن مجاهد ووجه ربطها بما قبلها أن الله تعالى أمر الكفرة باتباع ملة إبراهيم ومن ملته تعظيم بيت الله تعالى الحرام فناسب ذكر البيت وفضله وحرمته لذلك، وقيل : وجه المناسبة أن هذه شبهة ثانية ادعوها فأكذبهم الله تعالى فيها كما أكذبهم في سابقتها، والمعنى : إن أول بيت وضع لعبادة الناس ربهم أي هيىء وجعل متعبداً ؛ والواضع هو الله تعالى كما يدل عليه قراءة من قرأ ﴿وُضِعَ﴾ بالبناء للفاعل لأن الظاهر حينئذٍ أن يكون الضمير راجعاً إلى الله تعالى وإن لم يتقدم ذكره سبحانه صريحاً في الآية بناءاً على أنها مستأنفة واحتمال عوده إلى إبراهيم عليه السلام لاشتهاره ببناء البيت خلاف الظاهر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٤﴾
فصل
قال القرطبى :
ثبت في صحيح مسلم " عن أبي ذر قال : سألت رسول الله ﷺ عن أوّل مسجد وضع في الأرض قال :"المسجد الحرام".
قلت : ثم أي ؟ قال :"المسجد الأقصى".
قلت : كم بينهما ؟ قال :"أربعون عاماً ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل" " قال مجاهد وقتادة : لم يوضع قبله بيت.
قال عليّ رضي الله عنه : كان قبل البيت بيوت كثيرة، والمعنى أنه أوّل بيت وضع للعبادة.
وعن مجاهد قال : تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود : بيت المقدِس أفضل وأعظم من الكعبة ؛ لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة.
وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ؛ فأنزل الله هذه الآية.