وقد مضى في البقرة بنيان البيت وأوّل من بناه.
قال مجاهد : خلق الله موضع هذا البيتِ قبل أن يخلق شيئاً من الأرض بألفي سنة، وأن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى.
وأما المسجد الأقصى فبناه سليمان عليه السلام ؛ كما خرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو.
وعن النبي ﷺ :" أن سليمان بن داود عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خِلالاً ثلاثة ( سأل الله عز وجل ) حُكْماً يصادف حكمه فأُوتِيَهُ، وسأل الله عز وجل مُلْكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد ألاّ يأتيه أحد لا يَنْهزه إلا الصلاةُ فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمّه فأوتيه " فجاء إشكالٌ بين الحديثين ؛ لأن بين إبراهيم وسليمان آماداً طويلة.
قال أهل التواريخ : أكثر من ألف سنة.
فقيل : إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جدّدا ما كان أسَّسَه غيرهما.
وقد روي أن أوّل من بني البيت آدم عليه السلام كما تقدّم.
فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عاماً، ويجوز أن تكون الملائكة أيضاً بنته بعد بنائها البيت بإذن الله ؛ وكل محتمل.
والله أعلم.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أمر الله تعالى الملائكة ببناء بيت في الأرض وأن يطوفوا به ؛ وكان هذا قبل خلق آدم، ثم إن آدم بنى منه ما بنى وطاف به، ثم الأنبياء بعده، ثم استتم بناءه إبراهيم عليه السلام. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٣٧ ـ ١٣٨﴾

فصل


قال الفخر :
قال المحققون :﴿الأول﴾ هو الفرد السابق، فإذا قال : أول عبد اشتريه فهو حر فلو اشترى عبدين في المرة الأولى لم يعتق أحد منها لأن الأول هو الفرد، ثم لو اشترى في المرة الثانية عبداً واحداً لم يعتق، لأن شرط الأول كونه سابقاً فثبت أن الأول هو الفرد السابق.


الصفحة التالية
Icon