فصل
قال البغوى :
قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ قال مقاتل بن حيان : كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية وقتال حتى هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة، فأصلح بينهم فافتخر بعده منهم رجلان : ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج، فقال الأوسي : منّا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ومنّا حنظلة غسيل الملائكة، ومنا عاصم بن ثابت بن أفلح حميُّ الدبر، ومنّا سعد بن معاذ الذي اهتز لموته عرش الرحمن ورضي الله بحكمه في بني قريظة.
وقال الخزرجي : منّا أربعة أحكموا القرآن : أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ومنّا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم، فجرى الحديث بينهما فغضبا وأنشدا الأشعار وتفاخرا، فجاء الأوس والخزرج ومعهم السلاح فأتاهم النبي ﷺ فأنزل الله تعالى هذه الآية :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ ٢ صـ ٧٧﴾
فصل
قال القرطبى :
روى البخاري عن مُرة عن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :" حقّ تقاته أن يطاع فلا يُعصَى وأن يُذكَر فلا يُنْسى وأن يُشكر فلا يُكفر " وقال ابن عباس : هو ألاّ يُعصَى طَرْفة عَيْن.
وذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله، من يَقْوى على هذا ؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجل ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾ [ التغابن : ١٦ ] فنسخت هذه الآيةَ ؛ عن قَتادة والرّبيع وابن زيد.
قال مقاتل : وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية.
وقيل : إن قوله ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾ بيانٌ لهذه الآية.
والمعنى : فاتّقوا الله حق تُقاته ما استطعتم، وهذا أصوب ؛ لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أوْلىَ.
وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قول الله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] لم تُنسخ، ولكن "حقّ تُقاته" أن يُجاهد في سبيل الله حق جهاده، ولا تأخذكم في الله لَوْمةُ لائم، وتقوموا بالقسط ولو على أنفسكم وأبنائكم.
قال النحاس : وكلما ذكر في الآية واجبٌ على المسلمين أن يستعملوه ولا يقع فيه نسخ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٥٧ ـ ١٥٨﴾
قوله تعالى :﴿اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ﴾
فصل
قال الفخر :