قوله تعالى :﴿تَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾
فصل
قال الفخر :
العوج بكسر العين الميل عن الاستواء في كل ما لا يرى، وهو الدين والقول، فأما الشيء الذي يرى فيقال فيه : عوج بفتح العين كالحائط والقناة والشجرة، قال ابن الأنباري : البغي يقتصر له على مفعول واحد إذا لم يكن معه اللام كقولك : بغيت المال والأجر والثواب وأُريد ههنا : تبغون لها عوجاً، ثم أسقطت اللام كما قالوا : وهبتك درهماً أي وهبت لك درهماً، ومثله صدت لك ظبياً وأنشد :
فتولى غلامهم ثم نادى.. أظليما أصيدكم أم حماراً
أراد أصيد لكم والهاء في ﴿تَبْغُونَهَا﴾ عائدة إلى ﴿السبيل﴾ لأن السبيل يؤنث ويذكر و﴿العوج﴾ يعني به الزيغ والتحريف، أي تلتمسون لسبيله الزيغ والتحريف بالشبه التي توردونها على الضعفة نحو قولهم : النسخ يدل على البداء وقولهم : إنه ورد في التوراة أن شريعة موسى عليه السلام باقية إلى الأبد، وفي الآية وجه آخر وهو أن يكون ﴿عِوَجَا﴾ في موضع الحال والمعنى : تبغونها ضالين وذلك أنهم كأنهم كانوا يدعون أنهم على دين الله وسبيله فقال الله تعالى : إنكم تبغون سبيل الله ضالين وعلى هذا القول لا يحتاج إلى إضمار اللام في تبغونها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٨﴾
قوله تعالى :﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاء﴾
قال الفخر :
فيه وجوه
الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني أنتم شهداء أن في التوراة أن دين الله الذي لا يقبل غيره هو الإسلام
الثاني : وأنتم شهداء على ظهور المعجزات على نبوته صلى الله عليه وسلم
الثالث : وأنتم شهداء أنه لا يجوز الصد عن سبيل الله
الرابع : وأنتم شهداء بين أهل دينكم عدول يثقون بأقوالكم ويعولون على شهادتكم في عظام الأمور وهم الأحبار والمعنى : أن من كان كذلك فكيف يليق به الإصرار على الباطل والكذب والضلال والإضلال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣٨﴾
وقال ابن عاشور :