من فوائد العلامة أبى السعود فى الآية
قال رحمه الله :
﴿قُلْ يا أهل الكتاب﴾ أمرٌ بتوبيخهم بالإضلال إثرَ توبيخِهم بالضلال، والتكريرُ للمبالغة في حمله عليه السلام على تقريعهم وتوبيخِهم، وتركُ عطفِه على الأمر السابقِ للإيذان باستقلالهم كما أن قطْعَ قولِه تعالى :﴿لِمَ تَصُدُّونَ﴾ عن قوله تعالى :﴿لِمَ تَكْفُرُونَ﴾ للإشعار بأن كلَّ واحدٍ من كُفرهم وصدِّهم شناعةٌ على حيالها مستقِلةٌ في استتباع اللائمةِ والتقريعِ، وتكريرُ الخطابِ بعنوان أهليةِ الكتابِ لتأكيد الاستقلالِ وتشديدِ التشنيع فإن ذلك العنوانَ كما يستدعي الإيمانَ بما هو مصدِّقٌ لما معهم يستدعي ترغيبَ الناسِ فيه، فصدُّهم عنه في أقصى مراتبِ القَباحةِ ولكون صدِّهم في بعض الصورِ بتحريف الكتابِ والكفرِ بالآياتِ الدالةِ على نبُوَّته عليه السلام، وقرىء تُصِدّون من أصَدَّه ﴿عَن سَبِيلِ الله﴾ أي دينِه الحقِّ الموصلِ إلى السعادة الأبدية، وهو التوحيدُ وملةُ الإسلام ﴿مَنْ ءامَنَ﴾ مفعول لتصُدُّون قُدِّم عليه الجارُّ والمجرورُ للاهتمام به. كانوا يفتِنون المؤمنين ويحتالون لصدهم عنه ويمنعون من أراد الدخولَ فيه بجُهدهم، ويقولون : إن صفتَه عليه السلام ليست في كتابهم ولا تقدّمت البِشارةُ به عندهم، وقيل : أتت اليهودُ الأوسَ والخزرجَ فذكّروهم ما كان بينهم في الجاهلية من العداوات والحروبِ ليعودا إلى ما كانوا فيه ﴿تَبْغُونَهَا﴾ على إسقاط الجارِّ وإيصالِ الفعل إلى الضمير كما في قوله :
فتولى غلامُهم ثم نادى... أظليماً أصيدُكم أم حمارا