بمعنى أصيدُ لكم أي تطلُبون لسبيل الله التي هي أقومُ السبل ﴿عِوَجَا﴾ اعوجاجاً بأن تَلْبِسوا على الناس وتُوهِموا أن فيه ميلاً عن الحق بنفي النسخِ وتغييرِ صفةِ الرسولِ ﷺ عن وجهها ونحو ذلك. والجملةُ حالٌ من فاعل تصُدّون وقيل : من سبيل الله ﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاء﴾ حالٌ من فاعل تصُدون باعتبار تقييدِه بالحال الأولى أو من فاعل تبغونها أي والحالُ أنكم شهداءُ تشهدون بأنها سبيلُ الله لا يحوم حولَها شائبةُ اعوجاجٍ وأن الصدَّ عنها إضلالٌ قال ابن عباس رضي الله عنهما : أي شهداءُ ( على ) أن في التوراة إن دينَ الله الذي لا يُقبل غيرُه هو الإسلامُ أو وأنتم عدولٌ فيما بينكم يثقون بأقوالكم ويستشهدونكم في القضايا وعظائمِ الأمور ﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ اعتراضٌ تذييليٌ فيه تهديدٌ ووعيدٌ شديدٌ، قيل : لما كان صدُّهم للمؤمنين بطريق الخُفْية خُتمت الآيةُ الكريمة بما يحسِمُ مادةَ حيلتهم من إحاطة علمِه تعالى بأعمالهم كما أن كفرَهم بآياتِ الله تعالى لمّا كان بطريق العلانيةِ خُتمت الآية السابقةُ بشهادته تعالى على ما يعملون. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ٦٣ ـ ٦٤﴾
من لطائف العلامة أبى حيان
قال رحمه الله :
قال الراغب : وقد جاء ﴿يا أهل الكتاب﴾ دون قل، وجاء هنا قل.
فبدون قل هو استدعاء منه تعالى لهم إلى الحق، فجعل خطابهم منه استلانة للقوم ليكونوا أقرب إلى الانقياد.
ولما قصد الغض منهم ذكر قل تنبيهاً على أنهم غير متساهلين أنْ يخاطبهم بنفسه، وإنْ كان كلا الخطابين وصل على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
وأطلق أهل الكتاب على المدح تارة، وعلى الذّم أخرى.