ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب " الفرقان بين الحق والباطل " أن المسلمين كانوا في خلافة أبي بكر وعمر، وصدراً من خلافة عثمان في السنة الأولى من ولايته متفقين لا تنازع بينهم، ثم حدث في أواخر خلافة عثمان أمور أوجبت نوعاً من التفرق، وقام قوم من أهل الفتنة والظلم، فقتلوا عثمان فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان. ولما اقتتل المسلمون بصفَِّين واتفقوا على تحكيم حكمين خرجت الخوارج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفارقوه وفارقوا جماعة المسلمين. وحدث في أيامه الشيعة أيضاً، لكن كانوا مختفين بقولهم لا يظهرونه لعلي وشيعته، بل كانوا ثلاث طوائف.
طائفة : تقول إنه إله، وهؤلاء، لما ظهر عليهم، أحرقهم بالنار.
والثانية : السابة وكان قد بلغه عن أبي السودا أنه كان يسب أبا بكر وعمر، فطلبه قيل : إنه طلبه ليقتله فهرب منه.
والثالثة : المفضِّلة الذي يفضلونه على الشيخين، وقد تواتر عنه أنه قال : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. وروى ذلك البخاري في صحيحه.
ثم في آخر عصر الصحابة حدثت القدرية، ثم حدثت المرجئة، ثم قال : وإن الناس في ترتيب أهل الأهواء على أقسام : منهم من يرتبهم على زمان حدوثهم، فيبدأ بالخوارج، ومنهم من يرتبهم بحسب خفة أمرهم وغلظه فيبدأ بالمرجئة ويختم بالجهمية، كما فعله كثير من أصحاب أحمد رضي الله عنه، كعبد الله ابنه، ونحوه، وكالخلاّل، وأبي عبد الله بن بطة وأمثالهما، وكأبي الفرج المقدسي. وكلا الطائفتين تختم بالجهمية، لأنهم أغلظوا البدع. وكالبخاري في صحيحه. فإنه بدأ بكتاب الإيمان والرد على المرجئة، وختمه بكتاب التوحيد والرد على الزنادقة والجهمية.