وقال الآلوسى :
﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾ أي على أيّ حال يقع منكم الكفر ﴿وَأَنْتُمْ تتلى عَلَيْكُمْ ءايات الله﴾ الدالة على توحيده ونبوة نبيه ﷺ ﴿وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ يعني : محمداً ﷺ يعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم بتحقيق الحق وإزاحة الشبه، والجملة وقعت حالاً من ضمير المخاطبين في ﴿تَكْفُرُونِ﴾ والمراد استبعاد أن يقع منهم الكفر وعندهم ما يأباه. وقيل : المراد التعجيب أي لا ينبغي لكم أن تكفروا في سائر الأحوال لا سيما في هذه الحال التي فيها الكفر أفظع منه في غيرها ؛ وليس المراد إنكار الواقع كما في ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ أمواتا﴾ [ البقرة : ٢٨ ] الآية ؛ وقيل : المراد بكفرهم فعلهم أفعال الكفرة كدعوى الجاهلية فلا مانع من أن يكون الاستفهام لإنكار الواقع، والأول أولى وفي الآية تأييس لليهود مما راموه، والأكثرون على تخصيص هذا الخطاب بأصحاب رسول الله ﷺ أو الأوس والخزرج منهم، ومنهم من جعله عاماً لسائر المؤمنين وجميع الأمة، وعليه معنى كونه ﷺ فيهم إن آثاره وشواهد نبوته فيهم لأنها باقية حتى يأتي أمر الله ولم يسند سبحانه التلاوة إلى رسوله عليه الصلاة والسلام إشارة إلى استقلال كل من الأمرين في الباب، وإيذاناً بأن التلاوة كافية في الغرض من أي تال كانت. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٦﴾
فصل
قال القرطبى :
ويدخل في هذه الآية مَن لم يَرَ النبي ﷺ ؛ لأن ما فيهم من سُنّته يقوم مقام رؤيته.
قال الزّجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد خاصةً ؛ لأن رسول الله ﷺ كان فيهم وهم يشاهدونه.