ويجوز أن يكون الحبل استعارة للعهد والاعتصام لوثوقه بالعهد بناء على أن في الكلام تشبيهين، ويجوز أن تفرض الاستعارة في الحبل فقط ويكون الاعتصام ترشيحاً لها. والحاصل أن طريق الحق دقيق والسائر عليه غير مأمون أن تزل قدمه عن الجادة، فيراد بالحبل ههنا ما يتوصل به إلى الثبات على الحق وإن كانت عبارات المفسرين متخالفة. فعن ابن عباس : هو العهد كما يجيء ﴿ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾ [ آل عمران : ١١٢ ] وقيل : إن هالقرآن كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي ﷺ :" أما إنها ستكون فتنة. قيل : فما المخرج منها؟ قال ﷺ : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو حبل الله المتين " وروى ابن مسعود عن النبي ﷺ :" هذا القرآن حبل الله " وعن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ :" إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبل متين ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي " وقيل : إنه دين الله. وقيل : إنه طاعة الله. وقيل : إخلاص التوبة. وقيل : الجماعة لقوله تعالى عقيب ذلك :﴿ ولا تفرقوا ﴾ لأن الحق لا يكون إلا واحداً، وما بعد الحق إلا الضلال. ويد الله مع الجماعة. قال ﷺ :" ستفترق أمتي على نيف وسبعين فرقة الناجي منهم واحد فقيل : ومن هم يا رسول الله؟ قال : الجماعة " وروي " السواد الأعظم " وروي " ما أنا عليه وأصحابي " قال ﷺ :" لا تجتمع أمتي على الضلالة " وقد يتمسك بالآية نفاة القياس قالوا : الأحكام الشرعية إن احتيج فيها إلى الدلائل اليقينية امتنع الاكتفاء فيها بالقياس، وإن اقتصر فيها على الدلائل الظنية فالقول بجواز القياس لكل أحد يوجب التفرق والاختلاف وهو منهي عنه. وأجيب بأن الدلائل الدالة على وجوب العمل بالقياس مخصصه لعموم قوله :﴿ ولا تفرقوا ﴾. ثم إنه تعالى ذكرهم نعمته


الصفحة التالية
Icon