أن جميع الأحوال الأرضية مستندة إلى الأسباب السموية، ولا شك أن الأحوال السموية مستندة إلى خلقه وتكوينه تعالى فيكون الجبر أيضاً لازماً من هذا الوجه. ﴿ وإلى الله ﴾ أي إلى حيث لا مالك سواه ﴿ ترجع الأمور ﴾ فالأول إشارة إلى أنه تعالى مبدأ المخلوقات كلها، وهذا إشارة إلى أن معاد الكل إليه.
قوله عز من قائل :﴿ كنتم خير أمة ﴾ في النظم وجهان : أحدهما أنه لما أمر المؤمنين بما أمر ونهاهم عما نهى، عدل إلى طريق آخر يقتضي حملهم على الانقياد والطاعة لأن كونهم خير الأمم مما يقوّي داعتيهم في أن لا يبطلوا على أنفسهم هذه المزية، وذلك إنما يكون بالتزام التكاليف الشرعية، وثانيهما أنه لما ذكر حال الاشقياء وحال السعداء نبه أوّلاً على ما هو السبب لوعيد الأشقياء بقوله :﴿ وما الله يريد ظلماً للعالمين ﴾ بمعنى أنهم استحقوا ذلك بأفعالهم القبيحة.


الصفحة التالية
Icon