ثم قال تعالى :﴿إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ الله﴾ والمراد إلا بعهد من الله وعصمة وذِمام من الله ومن المؤمنين لأن عند ذلك تزول الأحكام، فلا قتل ولا غنيمة ولا سبي
الثاني : أن هذه الذلة هي الجزية، وذلك لأن ضرب الجزية عليهم يوجب الذلة والصغار
والثالث : أن المراد من هذه الذلة أنك لا ترى فيهم ملكاً قاهراً ولا رئيساً معتبراً، بل هم مستخفون في جميع البلاد ذليلون مهينون.
واعلم أنه لا يمكن أن يقال المراد من الذلة هي الجزية فقط أو هذه المهانة فقط لأن قول ﴿إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ الله﴾ يقتضي زوال تلك الذلة عند حصول هذا الحبل والجزية والصغار والدناءة لا يزول شيء منها عند حصول هذا الحبل، فامتنع حمل الذلة على الجزية فقط، وبعض من نصر هذا القول، أجاب عن هذا السؤال بأن قال : إن هذا الاستثناء منقطع، وهو قول محمد بن جرير الطبري، فقال : اليهود قد ضربت عليهم الذلة، سواء كانوا على عهد من الله أو لم يكونوا فلا يخرجون بهذا الاستثناء من الذلة إلى العزة، فقوله ﴿إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ الله﴾ تقديره لكن قد يعتصمون بحبل من الله وحبل من الناس.