" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ﴾، " أيْنَمَا " اسم شرط، وهي ظرف مكان، و" ما " مزيدة فيها، ف " ثُقِفُوا " في محل جزم بها، وجواب الشرط إما محذوف - أي : أينما ثُقِفُوا غلبوا وذُلّوا، دلَّ عليه قوله :﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ﴾، وإما نفس " ضُرِبَتْ "، عند مَنْ يُجيز تقديم جواب الشرط عليه، ف ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ﴾ لا محل له - على الأول، ومحله جزم على الثاني.
قوله :﴿ إلاَّ بِحَبْلٍ ﴾ هذا الجار في محل نَصْب على الحال، وهو استثناء مفرَّغ من الأحوال العامة.
قال الزمخشري :" وهو استثناء من أعَمِّ عامّة الأحوال، والمعنى : ضُرِبَتْ عليهم الذلة في عامة الأحوال، إلا في حال اعتصامهم بحبل الله، وحبل الناس، فهو استثناء متصل ".
قال الزجّاج والفرَّاء : هو استثناء منقطع، فقدره الفراء : إلا أن يعتصموا بحبل من الله، فحذف ما يتعلق به الجار.
كقول حميد بن ثور الهلالي :[ الطويل ]
١٥٧٤- رَأتْنِي بِحَبْلَيْهَا، فَصَدَّتْ مَخَافَةً... وَفِي الْحَبْلِ رَوْعَاءُ الْفُؤَادِ، فَرُوقُ
أراد : أقبلت بحبليها، فحذف الفعل ؛ للدلالة عليه.
ونظَّره ابنُ عطية بقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً ﴾ [ النساء : ٩٢ ] قال :" لأن بادئ الرأي يعطي أن له أن يقتل خطأ، وأن الحبل من الله ومن الناس يزيل ضرب الذلة، وليس الأمر كذلك، وإنَّما في الكلام محذوف، يدركه فَهْمُ السامع الناظر في الأمر، وتقديره :- في أمتنا - فلا نجاة من الموت إلا بحبل ".


الصفحة التالية
Icon