﴿وَإن تَصْبِرُواْ﴾ يعني على طاعة الله وعلى ما ينالكم فيها من شدة وغم ﴿وَتَتَّقُواْ﴾ كل ما نهاكم عنه وتتوكلوا في أموركم على الله ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٧﴾
وقال ابن عاشور :
وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }.
أرشد الله المؤمنين إلى كيفية تلقّي أذى العدوّ : بأن يتلقّوه بالصّبر والحذر، وعبّر عن الحذر بالاتّقاء أي اتّقاء كيدهم وخداعهم، وقوله ﴿ لا يَضِركم كيدهم شيئاً ﴾ أي بذلك ينتفي الضرّ كلّه لأنّه أثبت في أوّل الآيات أنّهم لا يضرّون المؤمنين إلاّ أذى، فالأذى ضرّ خفيف، فلمَّا انتفى الضرّ الأعظم الَّذي يحتاج في دفعه إلى شديدِ مقاومة من القتال وحراسة وإنفاق، كان انتفاء ما بَقي من الضرّ هيّناً، وذلك بالصّبر على الأذى، وقلّة الاكتراث به، مع الحذر منهم أن يتوسّلوا بذلك الأذى إلى ما يوصل ضرّاً عظيماً.
وفي الحديث :" لا أحد أصبر على أذى يسمعه من اللَّهِ يدعون له نِدّاً وهو يرزقهم ". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٠٤﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ﴾ بفتح الياء وكسر الضاد وسكون الراء، وهو من ضاره يضيره، ويضوره ضوراً إذا ضرَّه، والباقون ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ﴾ بضم الضاد والراء المشددة وهو من الضر، وأصله يضرركم جزماً، فأدغمت الراء في الراء ونقلت ضمة الراء الأولى إلى الضاد وضمت الراء الأخيرة، اتباعاً لأقرب الحركات وهي ضمة الضاد، وقال بعضهم : هو على التقديم والتأخير تقديره : ولا يضركم كيدهم شيئاً إن تصبروا وتتقوا،
قال صاحب "الكشاف" : وروى المفضل عن عاصم ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ﴾ بفتح الراء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٧﴾