الأفواه جمع الفم، والفم أصله فوه بدليل أن جمعه أفواه، يقال : فوه وأفواه كسوط وأسواط، وطوق وأطواق، ويقال رجل مفوه إذا أجاد القول، وأفوه إذا كان واسع الفم، فثبت أن أصل الفم فوه بوزن سوط، ثم حذفت الهاء تخفيفاً ثم أقيم الميم مقام الواو لأنهما حرفان شفويان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٧٤﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَدْ بَدَتِ البغضآء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم.
والبغضاء : البغض، وهو ضدّ الحُبِّ.
والبغضاء مصدر مؤنث.
وخصّ تعالى الأفواه بالذِّكر دون الألسنة إشارةً إلى تَشدُّقهم وثَرْثَرَتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه.
ومن هذا المعنى نهيه عليه السَّلام أن يشتحِي الرجل فاه في عِرض أخيه.
معناه أن يفتح ؛ يُقال : شحى الحمار فاه بالنهيق، وشحى الفَمُ نفسه.
وشحى اللِّجَامُ فمَ الفرس شَحْياً، وجاءت الخيل شَواحِيَ : فاتحاتٍ أفواهَها.
ولا يفهم من هذا الحديث دليلُ خطاب على الجواز فيأخذ أحدٌ في عِرض أخيه هَمْساً ؛ فإن ذلك يُحرمُ باتفاق من العلماء.
وفي التنزيل ﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ [ الحجرات : ١٢ ] الآية.
وقال ﷺ :" إن دِماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام " فذِكر الشَّحْو إنما هو إشارة إلى التشدّق والانبساط، فاعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٨٠ ـ ١٨١﴾
وقال النسفى :
﴿ قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم ﴾ لأنهم لا يتمالكون مع ضبطهم أنفسهم أن ينفلت من ألسنتهم ما يعلم به بغضه للمسلمين. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ١ صـ ١١٧﴾


الصفحة التالية
Icon