ولما قدم أمر بدر هنا وأول السورة، وتحقق بذلك ما له من العزة والحكمة قال :﴿العزيز﴾ الذي لا يغالب، فلا يحتاج إلى قتال أحد ولا يحتاج في نصره - إن قاتل - إلى معونة أحد ﴿الحكيم﴾ الذي يضع الأشياء في أتقن محالها من غير تأكيد أي الذي نصركم قبل هذه الغزوة وفي أول النهار فيها، ليس لكم ولا لغيركم ناصر غيره، فمتى التفت أحد إلى سواه وكله إليه فخذل، فاحذروه لتطيعوه طاعة أولي الإحسان في كل أوان، وهذا بخلاف ما في قصة بدر في الأنفال وسيأتي إن شاء الله ما يتعلق بها من المقال مما اقتضاه هناك الحال، والحكيم رأس آية بإجماع أهل العلم - كما في الأنفال، ولما قرر الوعد ذكر ثمرته فقال معلقاً الجار بيمددكم :﴿ليقطع﴾ أي بالقتل ﴿طرفاً﴾ أي طائفة من كرامهم، يهنون بهم ﴿من الذين كفروا﴾ أي ويهزم الباقين ﴿أو يكبتهم﴾ أي يكسرهم ويردهم بغيظهم مع الخزي أذلاء، وأصل الكبت صرع الشيء على وجهه ﴿فينقلبوا﴾ أي كلهم مهزومين ﴿خائبين﴾ وذلك في كلتا الحالتين بقوتكم عليهم بالمد وضعفهم عنكم به، ويجوز تعليق ﴿ليقطع﴾ بفعل التوكل، أي فليتوكلوا عليه ليفعل بأعدائهم ما يشاءه من نصرهم عليهم، فيقبل بهم إلى الإسلام رغبة أو رهبة، أو يميتهم على كفرهم فيديم عذابهم مع عافيتهم منهم ؛ ورأيت في سير الإمام محمد بن عمر الواقدي ما يدل على تعليقه بجعل من قوله :﴿وما جعله الله إلا بشرى﴾ أو بقوله :﴿ولتطمئن﴾ وهو حسن أيضاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٥٠ ـ ١٥١﴾
فصل
قال الفخر :