وقال العلامة أبو حيان :
﴿ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ﴾ حصر كينونة النصر في جهته، لا أنَّ ذلك يكون من تكثير المقاتلة، ولا من إمداد الملائكة.
وذكر الإمداد بالملائكة تقوية لرجاء النصر لهم، وتثبيتاً لقلوبهم.
وذكر وصف العزة وهو الوصف الدال على الغلبة، ووصف الحكمة وهو الوصف الدال على وضع الأشياء مواضعها من : نصرٍ وخذلان وغير ذلك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٥٥﴾
فصل
قال ابن عادل :
قال في هذه الآية :" لَكُمْ " وتركها في سورة الأنفال ؛ لأن تيك مختصر هذه، فكان الإطناب - هنا- أوْلَى ؛ لأن القصة مكملة هنا، فناسب إيناسهم بالخطاب المواجه، وأخر - هنا - " به " وقدمه في سورة الأنفال ؛ لأن الخطاب - هنا - موجود في " لَكُمْ " فأتبع الخطاب الخطاب، وهنا جاء بالصفتين تابعتين في قوله :﴿ العزيز الحكيم ﴾ وجاء بهما في جملة مستأنفة في سورة الأنفال، في قوله :﴿ إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [ الأنفال : ١٠ ] ؛ لأنه لما خاطبهم - هنا - حسن تعجيل بشارتهم بأنه عزيز حكيم، أي : لا يغالب، وأن أفعاله كلها متقنة حكمة وصواب، فالنصر من عنده فاستعينوا به، وتوكلوا عليه ؛ لأن العز والحُكْم له. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٥٢٥ ـ ٥٢٦﴾.
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وَمَا جَعَلَهُ الله إِلاَّ بشرى ﴾ الكناية في " جَعَلَهُ " عائدة على المصدر، أي : ما جعل الإمداد إلا بشرى لكم بأنكم تُنصرون، وهذا الاستثناء فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله، وهو استثناء مفرغ ؛ إذ التقدير : وما جعله لشيء من الأشياء إلا للبُشْرَى، وشروط نصبه موجودة، وهي اتحاد الفاعل، والزمان، وكونه مصدراً سبق للعلة.
والثاني : أنه مفعول ثانٍ لِ " جَعَل " على أنها تصييرية.