والثالث : أنه بدل من الهاء في " جَعَلَهُ " قاله الحوفيّ وجعل الهاء عائدةً على الوعد بالمدد.
والبشرى : مصدر على " فُعْلَى " كالرُّجْعَى.
وقيل : اسم من الإبشار، وتقدَّم الكلام في معنى البُشْرَى في قوله تعالى :﴿ وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ [ البقرة : ٢٥ ].
قوله :﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنًّه معطوف على " بُشْرَى " هذا إذا جعلناها مفعولاً من أجله، وإنما جُرَّ باللام ؛ لاختلال شرط من شروط النصب - وهو عدم اتحاد الفاعل - فإن فاعل الجَعْل هو الله - تعالى - وفاعل الاطمئنان القلوب، فلذلك نصب المعطوف عليه لاستكمال الشروط، وجر المعطوف باللام لاختلال شرطه، وقد تقدم، والتقدير : وما جعله إلا للبشرى وللطمأنينة.
والثاني : أنها متعلقة بمحذوف، أي : ولتطمئن قلوبكم، فعلى ذلك، أو كان كيت وكيت.
وقال أبو حيان : و" تطمئن " منصوب بإضمار " أن " بعد لام " كي "، فهو من عطف الاسم على توهم موضع اسم آخر.
ثم نقل عن ابن عطية أنه قال :" اللام في ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ متعلقة بفعل مضمر يدل عليه " جَعَلَهُ " ومعنى الآية : وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به، ولتطمئن به قلوبكم.
قال أبو حيان :" وكأنه رأى أنه لا يمكن - عنده - أن يُعطف ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ على ﴿ بشرى ﴾، على الموضع ؛ لأن من شرط العطف على الموضع - عند أصحابنا - أن يكون ثَمَّ مُحْرِز للموضع، ولا محرز هنا ؛ لأن عامل الجَرِّ مفقود، ومَنْ لم يشترط المحرز، فيجوز ذلك على مذهبه وسيكون من باب العطف على التوهُّم ".


الصفحة التالية
Icon