إشكال وجوابه
قال الفخر :
ظاهر هذه الآية يدل على أنها وردت في أمر كان النبي ﷺ يفعل فيه فعلاً، وكانت هذه الآية كالمنع منه، وعند هذا يتوجه الإشكال، وهو أن ذلك الفعل إن كان بأمر الله تعالى، فكيف منعه الله منه ؟ وإن قلنا إنه ما كان بأمر الله تعالى وبإذنه، فكيف يصح هذا مع قوله ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى﴾ [ النجم : ٣ ] وأيضاً دلت الآية على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فالأمر الممنوع عنه في هذه الآية إن كان حسناً فلم منعه الله ؟ وإن كان قبيحاً، فكيف يكون فاعله معصوماً ؟.
والجواب من وجوه
الأول : أن المنع من الفعل لا يدل على أن الممنوع منه كان مشتغلاً به فإنه تعالى قال للنبي ﷺ ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [ الزمر : ٦٥ ] وأنه عليه الصلاة والسلام ما أشرك قط وقال :﴿يا أيها النبى اتق الله﴾ [ الأحزاب : ١ ] فهذا لا يدل على أنه ما كان يتقي الله، ثم قال :﴿وَلاَ تُطِعِ الكافرين﴾ وهذا لا يدل على أنه أطاعهم، والفائدة في هذا المنع أنه لما حصل ما يوجب الغم الشديد، والغضب العظيم، وهو مثلة عمه حمزة، وقتل المسلمين، والظاهر أن الغضب يحمل الإنسان على ما لا ينبغي من القول والفعل، فلأجل أن لا تؤدي مشاهدة تلك المكاره إلى ما لا يليق من القول والفعل نص الله تعالى على المنع تقوية لعصمته وتأكيداً لطهارته