والثاني : لعله عليه الصلاة والسلام إن فعل لكنه كان ذلك من باب ترك الأفضل والأولى، فلا جرم أرشده الله إلى اختيار الأفضل والأولى، ونظيره قوله تعالى :﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ للصابرين واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله﴾ [ النحل : ١٢٦، ١٢٧ ] كأنه تعالى قال : إن كنت تعاقب ذلك الظالم فاكتف بالمثل، ثم قال ثانياً : وإن تركته كان ذلك أولى، ثم أمره أمراً جازماً بتركه، فقال :﴿واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله ﴾.
الوجه الثالث : في الجواب : لعلّه ﷺ لما مال قلبه إلى اللعن عليهم استأذن ربه فيه، فنص الله تعالى على المنع منه، وعلى هذا التقدير لا يدل هذا النهي على القدح في العصمة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٩٠ ـ ١٩١﴾
فصل
قال الفخر :
قوله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَىْء﴾ فيه قولان
الأول : أن معناه ليس لك من قصة هذه الواقعة ومن شأن هذه الحادثة شيء وعلى هذا فنقل عن المفسرين عبارات
أحدهما : ليس لك من مصالح عبادي شيء إلا ما أوحي إليك
وثانيها : ليس لك من مسألة إهلاكهم شيء، لأنه تعالى أعلم بالمصالح فربما تاب عليهم
وثالثها : ليس لك في أن يتوب الله عليهم، ولا في أن يعذبهم شيء.