أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ بِقَتْلِ ذَلِكَ الْمُنَافِقِ الْمُجَاهِرِ بِعَدَائِهِ بَلْ رَحِمَهُ وَعَذَرَهُ، وَلَمْ تَكُنِ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى قَتْلِهِ.
وَلَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تُرَاعِي هَذِهِ الدِّقَّةَ فِي حِفْظِ الدِّمَاءِ بَلْ قَلَّمَا تُرَاعِيهِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ.
وَمَضَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلَ الشِّعْبَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ فِي عُدْوَةِ الْوَادِي إِلَى الْجَبَلِ، فَجَعَلَ ظَهْرَهُ وَعَسْكَرَهُ إِلَى أُحُدٍ وَقَالَ :" لَا يُقَاتِلَنَّ أَحَدٌ حَتَّى نَأْمُرَ بِالْقِتَالِ " وَفِي ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَرْبِ أَنَّ الرَّئِيسَ هُوَ الَّذِي يَفْتَحُهَا، وَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُرَاعِي ذَلِكَ دَائِمًا لَا سِيَّمَا إِذَا حَدَثَ مَا يُثِيرُ حَمِيَّتَهُمْ، وَقَدِ امْتَثَلُوا الْأَمْرَ عَلَى اسْتِشْرَافٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ
الْأَنْصَارِ - وَقَدْ رَأَى قُرَيْشًا قَدْ سَرَّحَتِ الظَّهْرَ وَالْكُرَاعَ فِي زُرُوعِ الْمُسْلِمِينَ - أَتَرْعَى زُرُوعُ بَنِي قَيْلَةَ وَلَمَّا نُضَارِبْ ؟ وَفِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَا مَحَلَّ لِشَرْحِهِ هُنَا.