دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ عُمَارَةَ فَقُلْتُ لَهَا : يَا خَالَهْ أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ : خَرَجْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ وَالدَّوْلَةُ وَالرِّيحُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ انْحَزْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُمْتُ أُبَاشِرُ الْقِتَالَ وَأَذُبُّ عَنْهُ بِالسَّيْفِ وَأَرْمِي عَنِ الْقَوْسِ حَتَّى خَلَصَتِ الْجِرَاحُ إِلَيَّ - فَرَأَيْتُ عَلَى عَاتِقِهَا جُرْحًا أَجْوَفَ لَهُ غَوْرٌ فَقُلْتُ : مَنْ أَصَابَكِ بِهَذَا ؟ فَقَالَتْ : ابْنُ قَمِئَةَ أَقْمَأَهُ اللهُ، لَمَّا وَلَّى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْبَلَ يَقُولُ : دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ فَلَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَاعْتَرَضْتُ لَهُ أَنَا وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأُنَاسٌ مِمَّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ وَلَكِنْ ضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرَبَاتٍ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللهِ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعَانِ، وَأَعْطَتِ امْرَأَةٌ ابْنَهَا السَّيْفَ فَلَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ فَشَدَّتْهُ عَلَى سَاعِدِهِ بِنِسْعَةٍ وَأَتَتْ بِهِ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا ابْنِي يُقَاتِلُ عَنْكَ. فَقَالَ " أَيْ بُنَيَّ ! ! احْمِلْ هَاهُنَا " فَجُرِحَ : فَأَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ لَهُ :" لَعَلَّكَ جَزِعْتَ ؟ " قَالَ : لَا يَا رَسُولَ اللهِ.


الصفحة التالية
Icon