الثالث : أن الصحابة قد شاهدوا الكفار في مكة في القوة والثروة وإلى ذلك الوقت ما اتفق لهم استيلاء على أولئك الكفار، فكانت هيبتهم باقية في قلوبهم واستعظامهم مقرراً في نفوسهم فكانوا لهذا السبب يهابونهم ويخافون منهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٨٢ ـ ١٨٣﴾
وقال القرطبى :
و"أذِلة" جمع ذليل.
واسم الذل في هذا الموضع مستعار، ولم يكونوا في أنفسهم إلاَّ أعِزّة، ولكن نسبتهم إلى عدوّهم وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض تقتضي عند التأمل ذِلّتهم وأنهم يُغلبون.
والنصر العون ؛ فنصرهم الله يوم بَدْرٍ، وقتل فيه صنادِيد المشركين، وعلى ذلك اليوم ابتني الإسلام، وكان أوّل قتال قاتله النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح مسلم عن بُريدة قال : غزا رسول الله ﷺ سبع عشرة غزوة، قاتل في ثمان منهنّ.
وفيه.
عن أبي إسحاق قال : لقيت زيد بن أرْقَم فقلت له : كم غزا رسول الله ﷺ ؟ قال تسع عشرة غزوة.
فقلت : فكم غزوتَ أنت معه ؟ فقال : سبع عشرة غزوة.
قال فقلت : فما أوّل غزوة غزاها ؟ قال : ذات العُسَير أو العشير.
وهذا كله مخالف لما عليه أهل التواريخ والسير.
قال محمد بن سعد في كتاب الطبقات له : إن غزواتِ رسولِ الله ﷺ سبع وعشرون غزوة، وسراياه ست وخمسون، وفي رواية ست وأربعون، والتي قاتل فيها رسول الله ﷺ بَدْرٌ واحُد والمَريْسِيع والخَنْدَق وخَيْبَر وقُرَيْظَة والفتْحُ وحُنَيْن والطائف.
قال ابن سعد : هذا الذي اجتمع لنا عليه.
وفي بعض الروايات أنه قاتل في بني النضير وفي وادي القُرى مُنصرفه من خَيْبَر وفي الغَابَة.
وإذا تقرّر هذا فنقول : زيد وبُريدة إنما أخبر كل واحد منهما بما في علمه أو شاهده.