" لا يقاتلن أحد حتى نأمره! " وعين طائفة من الرماة وأنزلهم بعينين - جبيل هناك من ورائهم - وأوعز إليهم في أن لا يتغيروا منه حتى يأمرهم إن كانت له أو عليه، حتى قال لهم :" إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تعينونا، وإن رأيتمونا هزمناهم فلا تشركونا في الغنيمة، وانضحوا الخيل عنا إذا أتت من ورائنا " وبرز صاحب لواء المشركين وطلب المبارزة، فبرز إليه رجل من المسلمين فقتله المسلم فحمله آخر وبرر فقتل، وفعلوا ذلك واحداً بعد واحد حتى تموا عشرة كلهم يقتل، فلما انكسرت قلوب المشركين بتوالي القتل في أصحاب اللواء أمر النبي ﷺ أصحابه فشدوا فهزموا المشركين وخلوا عسكرهم ونساءهم، وكان الخيل كلما أتت من وراء المسلمين نضحهم الرماة بالنبل فرجعوا فلما وقع الصحابة رضي الله عنهم في نهب العسكر خلى الرماة ثغرهم، فنهاهم أميرهم وحذرهم مخالفة أمر رسول الله ﷺ فلم يطعه منهم إلا نحو العشرة، فأتى أصحاب الخيل فقتلوا من بقي من الرماة، ثم أتوا الصحابة رضي الله عنهم من ورائهم وهم ينتهبون، فأسرعوا فيهم القتل ونادى إبليس : إن محمداً قد قتل، فانهزم الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يثبت مع النبي ﷺ منهم إلا قليل ما بين العشرة إلى الثلاثين - على اختلاف الأقوال، فاستمر يحاول بهم العدو، والله تعالى يحفظه ويدافع عنه حتى دنت الشمس للمغرب، وصرف الله العدو، فدفن النبي ﷺ الشهداء وصف أصحابه رضي الله عنهم فأثنى على الله عز وجل ثناء عظيماً، ذكر فيه فضله سبحانه وعدله، وأن الملك ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، ورجع إلى المدينة الشريفة وقد أصابته الجراحة في مواضع من وجهه بنفسي هو وأبي وأمي ووجهي وعيني. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٤٢ ـ ١٤٥﴾


الصفحة التالية
Icon