فصل


قال الفخر :
قالوا : في الكلام حذف والمعنى : وسارعوا إلى ما يوجب مغفرة من ربكم ولا شك أن الموجب للمغفرة ليس إلا فعل المأمورات وترك المنهيات، فكان هذا أمرا بالمسارعة إلى فعل المأمورات وترك المنهيات، وتمسك كثير من الأصوليين بهذه الآية في أن ظاهر الأمر يوجب الفور ويمنع من التراخي ووجهه ظاهر، وللمفسرين فيه كلمات :
إحداها : قال ابن عباس : هو الإسلام أقول وجهه ظاهر، لأنه ذكر المغفرة على سبيل التنكير، والمراد منه المغفرة العظيمة المتناهية في العظم وذلك هو المغفرة الحاصلة بسبب الإسلام.
الثاني : روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : هو أداء الفرائض، ووجهه أن اللفظ مطلق فيجب أن يعم الكل.
والثالث : أنه الإخلاص وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه : ووجهه أن المقصود من جميع العبادات الإخلاص، كما قال :﴿وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ [ البينة : ٥ ]
الرابع : قال أبو العالية : هو الهجرة.
والخامس : أنه الجهاد وهو قول الضحاك ومحمد بن اسحاق، قال : لأن من قوله :﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [ آل عمران : ١٢١ ] إلى تمام ستين آية نزل في يوم أحد فكان كل هذه الأوامر والنواهي مختصة بما يتعلق بباب الجهاد.
السادس : قال سعيد بن جبير : انها التكبيرة الأولى.
والسابع : قال عثمان : انها الصلوات الخمس.
والثامن : قال عكرمة : إنها جميع الطاعات.
لأن اللفظ عام فيتناول الكل.
والتاسع : قال الأصم : سارعوا، أي بادروا إلى التوبة من الربا والذنوب، والوجه فيه أنه تعالى نهى أولا عن الربا، ثم قال :﴿وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ﴾ فهذا يدل على أن المراد منه المسارعة في ترك ما تقدم النهي عنه،


الصفحة التالية