الثاني : أن قوله :﴿هذا بَيَانٌ لّلنَّاسِ﴾ كلام عام ثم قوله :﴿وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ﴾ للمتقين مخصوص بالمتقين، لأن الهدى اسم للدلالة بشرط كونها موصلة إلى البغية، ولا شك أن هذا المعنى لا يحصل إلا في حق المتقين، والله أعلم بالصواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١١ ـ ١٢﴾
وقال الطبرى :
اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أشير إليه بـ"هذا".
فقال بعضهم : عنى بقوله"هذا"، القرآن.
وقال آخرون : إنما أشير بقوله"هذا"، إلى قوله :"قد خلت من قبلكم سُنن فسيروا في الأرض فانظرُوا كيف كان عاقبه المكذبين"، ثم قال : هذا الذي عرَّفتكم، يا معشر أصحاب محمد، بيان للناس.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال : قوله :"هذا"، إشارةٌ إلى ما تقدم هذه الآية من تذكير الله جل ثناؤه المؤمنين، وتعريفهم حدوده، وحضِّهم على لزوم طاعته والصبر على جهاد أعدائه وأعدائهم. لأن قوله :"هذا"، إشارة إلى حاضر : إما مرئيّ وإما مسموع، وهو في هذا الموضع إلى حاضر مسموع من الآيات المتقدمة.
فمعنى الكلام : هذا الذي أوضحتُ لكم وعرفتكموه، بيانٌ للناس يعني بـ"البيان"، الشرح والتفسير. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٧ صـ ٢٣١ ـ ٢٣٢﴾. بتصرف يسير.
وقال العلامة ابن عطية :
كونه بياناً للناس ظاهر، وهو في ذاته أيضاً هدى منصوب وموعظة، لكن من عمي بالكفر وضل وقسا قلبه لا يحسن أن يضاف إليه القرآن، وتحسن إضافته إلى " المتقين " الذين فيهم نفع وإياهم هدى، وقال ابن إسحاق والطبري وجماعة : الإشارة ب ﴿ هذا ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ قد خلت من قبلكم سنن ﴾ الآية، قال ابن إسحاق : المعنى هذا تفسير للناس إن قبلوه، قال الشعبي : المعنى، هذا بيان للناس من العمى. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٥١٢﴾