من فوائد العلامة أبى السعود فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ هذا ﴾ إشارةٌ إلى ما سلف من قوله تعالى :﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ إلى آخره ﴿ بَيَانٌ لّلنَّاسِ ﴾ أي تبيينٌ لهم، على أن اللامَ متعلقةٌ بالمصدر أو كائنٌ لهم على أنها متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً له، وتعريفُ الناس للعهد وهم المكذبون أي هذا إيضاحٌ لسوء عاقبةِ ما هم عليه من التكذيب فإن الأمرَ بالسير والنظرِ وإن كان خاصاً بالمؤمنين لكن العملَ بموجبه غيرُ مختصَ بواحد دون واحدٍ ففيه حملٌ للمكذبين أيضاً على أن ينظُروا في عواقب مَنْ قبلَهم من أهل التكذيبِ ويعتبروا بما يعانون من آثار دمارِهم وإن لم يكن الكلامُ مَسوقاً لهم ﴿ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ ﴾ أي وزيادةُ بصيرةٍ وموعظةٍ لكم وإنما قيل :﴿ لّلْمُتَّقِينَ ﴾ للإيذان بعلة الحُكمِ فإن مدارَ كونِه هدىً وموعظةً لهم إنما هو تقواهم. ويجوز أن يُرادَ بالمتقين الصائرين إلى التقوى والهدى والموعظة على ظاهرهما، أي هذا بيانٌ لمآل أمرِ الناسِ وسوءِ مَغبّتِه، وهدايةٌ لمن اتقى منهم وزجرٌ لهم عما هم عليه من التكذيب، وأن يُراد به ما يعُمّهم ويعُم غيرَهم من المتقين بالفعل، ويُرادَ بالهدى والموعظةِ أيضاً ما يعُم ابتداءَهما والزيادةَ فيهما، وإنما قُدّم كونُه بياناً للمكذبين مع أنه غيرُ مَسوق له على كونه هدىً وموعظةً للمتقين، مع أنه المقصودُ بالسياق لأن أولَ ما يترتب على مشاهدة آثارِ هلاكِ أسلافِهم ظهورُ حالِ أخلافِهم، وأما زيادةُ الهدى أو أصلِه فأمرٌ مترتبٌ عليه، وتخصيصُ البيانِ للناس مع شموله للمتقين أيضاً لما أن المرادَ به مجردُ البيانِ العاري عن الهدى والعظةِ، والاقتصار عليهما في جانب المتقين مع ترتّبهما على البيان لما أنهما المقصِدُ الأصليُّ، ويجوز أن يكون تعريفُ الناسِ للجنس أي هذا بيانٌ للناس كافةً، وهدى وموعظةٌ للمتقين منهم خاصة. وقيل : كلمةُ هذا