اعلم أن الذي قدمه من قوله :﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ﴾ [ آل عمران : ١٣٧ ] وقوله :﴿هذا بيان للناس﴾ [ آل عمران : ١٣٨ ] كالمقدمة لقوله :﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا﴾ كأنه قال إذا بحثتم عن أحوال القرون الماضية علمتم أن أهل الباطل وإن اتفقت لهم الصولة، لكن كان مآل الأمر إلى الضعف والفتور، وصارت دولة أهل الحق عالية، وصولة أهل الباطل مندرسة، فلا ينبغي أن تصير صولة الكفار عليكم يوم أحد سبباً لضعف قلبكم ولجبنكم وعجزكم، بل يجب أن يقوى قلبكم فإن الاستعلاء سيحصل لكم والقوة والدولة راجعة إليكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢﴾
فصل
قال الآلوسى :
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾ أخرج الواحدي عن ابن عباس أنه قال :"انهزم أصحاب رسول الله ﷺ يوم أحد فبينما هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريدون أن يعلوا عليهم الجبل فقال النبي ﷺ :"اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر فأنزل الله تعالى هذه الآية : وثاب نفر من المسلمين فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم" وعن الزهري وقتادة أنها نزلت تسلية للمسلمين لما نالهم يوم أحد من القتل والجراح.