والتَّعليق بالشرط في قوله :﴿ إن كنتم مؤمنين ﴾ قصد به تهييج غيرتهم على الإيمان إذ قد علِم الله أنَّهم مؤمنون ولكنَّهم لمّا لاح عليهم الوهن والحزن من الغلبة، كانوا بمنزلة من ضعف يقينه فقيل لهم : إن علمتم من أنفسكم الإيمان، وجيء بإن الشرطية الَّتي من شأنها عدم تحقيق شرطها، إتماماً لِهذا المقصد. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٢٧ ـ ٢٢٨﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله ﴿ولا تهنوا﴾
الأصل : تُوْهِنوا، فحُذِفت الواو ؛ لوقوعها بين تاء وكسرة في الأصل، ثم أجْريت حروف المضارعة مُجْراها في ذلك، ويقال : وَهَنَ - بالفتح في الماضي - يَهِنُ - بالكسر في المضارع.
ونُقِلَ أنه يُقال : وَهُن، ووَهِنَ - بضم الهاء وكسر في الماضي - و" وَهَنَ " يُستعمل لازماً ومتعدياً، تقول : وَهَنَ زيدٌ، أي : ضَعُفَ، قال تعالى :﴿ وَهَنَ العظم مِنِّي ﴾ [ مريم : ٤ ]، ووَهَنْتُه وأضعفته، ومنه الحديث :" وَهَنْتُهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ "، والمصدر على الوهَن - بفتح الهاء وسكونها.
وقال زهير :[ البسيط ]
................... فَأصْبَحَ الْحَبْلُ مِنْهَا وَاهِناً خَلَقَا
أي : ضعيفاً.
قوله :﴿ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ جملة حالية من فاعل ﴿ تَهِنُوا ﴾، أو ﴿ تَحْزَنُوا ﴾، والاستئناف فيها غير ظاهر، و﴿ الأَعْلَوْنَ ﴾ جمع أعْلَى، والأصل : أعْلَيَوْنَ، فتحرَّكت الياء، وانفتح ما قبلها، فقُلبَت ألفاً فحُذِفت لالتقاء الساكنين، وبقيَت الفتحةُ لتدلَّ عليها.
وإن شئت قُلْتَ : استثقلت الضمةُ على الياء، فحُذِفت، فالتقى ساكنان أيضاً - الياء والواو - فحُذِفتَ الياء ؛ لالتقاء الساكنين، وإنَّما احتجنا إلى ذلك ؛ لأن واو الجمع لا يكون ما قبلها إلا مضموماً، لفظاً، أو تقديراً. وهذا من مثال التقدير. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٥٥١ ﴾