فلما سمع بهم رسول الله ﷺ خطب الناس، وقال في خطبته :" إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ فِي سَيْفِي ثلمَةُ فَأَوَّلْتُهَا مصِيبَةً فِي نَفْسِي، وَرَأَيْتُ بُقُوراً قَدْ ذُبِحَتْ، فَأَوَّلْتُهَا قَتْلَى فِي أَصْحَابِي، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا المَدِينَةَ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ " وكره الخروج إليهم، فكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رسول الله ﷺ بأن لا يخرج إليهم، ولكنه كان منافقاً فقال : يا رسول الله لا تخرج إليهم فأنا ما خرجنا إلى عدوّ قط إلا أصاب منا، ولا دخل علينا إلا أصبنا منه.
فقال رجال من المسلمين ممن أكرمهم الله بالشهادة وغيرهم ممن فاتته بدر : اخرج لهم يا رسول الله، لكي لا يرى أعداء الله أنا قد جَبُنَّا عنهم وضعفنا عن قتالهم.
فلم يزالوا به حتى دخل ولبس لأمته، ثم خرج النبيّ ﷺ إليهم وقد خرج الناس فقالوا : استكرهنا رسول الله ﷺ ؛ فقالوا : يا رسول الله : قد استكرهناك وما كان لنا ذلك، فإن شئت فاخرج، وإن شئت فاقعد.
فقال النبيّ ﷺ :" مَا يَنْبَغِي لِلنَّبِيِّ أَنْ يَضَعَ سِلاَحَهُ إِذَا لَبِسَهُ حَتَّى يُقَاتِلَ " فخرج رسول الله ﷺ، وسار إلى أُحدٍ، فانخذل عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال في رواية الكلبي : فرجع معه ثلاثمائة من الناس، وبقي مع رسول الله ﷺ نحو سبعمائة رجل.
وقال في رواية الضحاك : فانخذل في ستمائة رجل من اليهود، وبقي مع النبيّ ﷺ ألف رجل من المؤمنين الطيبين.