والجواب عن الثانى : أن آية آل عمران على حذف المضاف كما تقدم أى عرضها مثل عرض السماوات والأرض وقد أفصحت آية الحديد بما يقوم مقام هذا المضاف ويحصل معناه وهو كاف التشبيه إذ معناها معنى مثل وحذف المضاف مما يكون كثيرا عند قصد المبالغة وكذا جعل الشئ نفس الشئ وهو مما يتقدم فى آية آل عمران وهو نحو قول الشاعر[رؤبة] :
إن الربيع الجود والخريفا يدا أبى العباس والصيوفا
وهذا كثير واليه يرجع الوارد فى قولهم : نهارك صائم وليلك قائم وباب ذلك مما يقصد به المبالغة فيجعل نفس الشئ وأنشد سيبويه رحمه الله نحوا من ذلك.
أما النهار ففى قيد وسلسلة والليل فى بطن منحوت من الساج
فجعل النهار فى قيد وسلسلة وجعل الليل فى بطن منحوت من السج مبالغة وإنما المجعول الشخص وقوله تعالى :"عرضها السماوات والأرض" يمكن إلحاقه بهذا القبيل وإن ظن أنه يباينه.
والجامع قصد المبالغة كأن السماوات والأرض إذا أوصل بعضها ببعض مصطفا نفس عرض الجنة ومن أبيات الكتاب :
لقد لمتنا يا أم غيلان فى السرى ونمت وما ليل المطي بنائم
فنفى النوم عن الليل حين جعله نفس الشخص مبالغة كما فى البيت قبل ويمكن فى هذا كله حذف المضاف أى ذو ليل المطى وذو النهار وذو الليل.
قال الإمام[سيبويه]رحمه الله لما أنشد هذا البيت جعله للاسم ومن هذا الضرب ما يتخرج على حذف المضاف ويمتنع ما سواه نحو قوله[النابغة الجعدى] :
كأن غديرهم بجنوب سلى نعام قاق فى بلد قفار
أى كأن غديرهم غدير نعام قاق، والغدير الصوت


الصفحة التالية
Icon