قال الزجاج : معنى الآية أن الله تعالى جعل الأيام مداولة بين المسلمين والكافرين، فإن حصلت الغلبة للكافرين على المؤمنين كان المراد تمحيص ذنوب المؤمنين، وإن كانت الغلبة للمؤمنين على هؤلاء الكافرين كان المراد محق آثار الكافرين ومحوهم، فقابل تمحيص المؤمنين بمحق الكافرين، لأن تمحيص هؤلاء بإهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك بإهلاك أنفسهم، وهذه مقابلة لطيفة في المعنى.
والأقرب أن المراد بالكافرين ههنا طائفة مخصوصة منهم وهم الذين حاربوا الرسول ﷺ يوم أحد، وإنما قلنا ذلك لعلمنا بأنه تعالى لم يمحق كل الكفار، بل كثير منهم بقي على كفره، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦﴾
وقال العلامة أبو حيان :
﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾ أي يطهرهم من الذنوب، ويخلصهم من العيوب، ويصفيهم.
قال ابن عباس والحسن ومجاهد والسدي ومقاتل وابن قتيبة في آخرين : التمحيص الابتلاء والاختبار.
قال الشاعر :
رأيت فضيلاً كان شيئاً ملففا...
فكشفه التمحيص حتى بداليا
وقال الزجاج : التنقية والتخليص، وذكره عن : المبرد، وعن الخليل.
وقيل : التطهير.
وقال الفراء : هو على حذف مضاف، أي وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا.
﴿ ويمحق الكافرين ﴾ أي يهلكهم شيئاً فشيئاً.
والمعنى : أن الدولة إن كانت للكافرين على المؤمنين كانت سبباً لتمييز المؤمن من غيره، وسبباً لاستشهاد من قتل منهم، وسبباً لتطهير المؤمن من الذنب.
فقد جمعت فوائد كثيرة للمؤمنين، وإن كان النصر للمؤمنين على الكافرين كان سبباً لمحقهم بالكلية واستئصالهم قاله : ابن عباس.
وقال ابن عباس أيضاً : ينقصهم ويقللهم، وقاله : الفراء.
وقال مقاتل : يذهب دعوتهم.
وقيل : يحبط أعمالهم، ذكره الزجاج، فيكون على حذف مضاف.