أحدهما : أن المعنى ذكروا وعيد الله أو عقابه أو جلاله الموجب للخشية والحياء منه، فيكون من باب حذف المضاف، والذكر ههنا هو الذي ضد النسيان وهذا معنى قول الضحاك، ومقاتل، والواقدي، فان الضحاك قال : ذكروا العرض الأكبر على الله، ومقاتل، والواقدي.
قال : تفكروا أن الله سائلهم، وذلك لأنه قال : بعد هذه الآية ﴿فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ﴾ وهذا يدل على أن الاستغفار كالأثر، والنتيجة لذلك : الذكر، ومعلوم أن الذكر الذي يوجب الاستغفار ليس إلا ذكر عقاب الله، ونهيه ووعيده، ونظير هذه الآية قوله :﴿إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَئِفٌ مّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [ الأعراف : ٢٠١ ]
والقول الثاني : أن المراد بهذا الذكر ذكر الله بالثناء والتعظيم والاجلال، وذلك لأن من أراد أن يسأل الله مسألة، فالواجب أن يقدم على تلك المسألة الثناء على الله، فهنا لما كان المراد الاستغفار من الذنوب قدموا عليه الثناء على الله تعالى، ثم اشتغلوا بالاستغفار عن الذنوب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩﴾
وقال الماوردى :
﴿ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِم ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنهم ذكروه بقلوبهم فلم ينسوه، ليعينهم ذكره على التوبة والاستغفار.
والثاني : ذكروا الله قولاً بأن قالوا : اللهم اغفر لنا ذنوبنا، فإن الله قد سهل على هذه الأمة ما شدد على بني إسرائيل، إذ كانوا إذا أذنب الواحد منهم أصبح مكتوباً على بابه من كفارة ذنبه : اجدع أنفك، اجدع أذنك ونحو ذلك، فجعل الاستغفار، وهذا قول ابن مسعود وعطاء بن أبي رباح. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٤٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon