قوله تعالى :﴿فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ﴾
قال الفخر :
المراد منه الإتيان بالتوبة على الوجه الصحيح، وهو الندم على فعل ما مضى مع العزم على ترك مثله في المستقبل، فهذا هو حقيقة التوبة، فأما الاستغفار باللسان، فذاك لا أثر له في إزالة الذنب، بل يجب إظهار هذا الاستغفار لإزالة التهمة، ولإظهار كونه منقطعاً إلى الله تعالى، وقوله :﴿لِذُنُوبِهِمْ﴾ أي لأجل ذنوبهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩ ـ ١٠﴾
وقال القرطبى :
وقد تقدم في صدر هذه السورة سيد الاستغفار، وأن وقته الأسحار.
فالاستغفار عظيم وثوابه جسيم، حتى لقد روَى الترمذي عن النبي ﷺ أنه قال :" من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فرّ من الزحف " ورَوى مَكْحُول عن أبي هريرة قال : ما رأيت أكثر استغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال مكحول : ما رأيت أكثر استغفارا من أبي هريرة.
وكان مكحول كثير الاستغفار.
قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يَحُلّ عَقْدَ الإصرار ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان.
فأما من قال بلسانه : آستغفر الله، وقلبه مِصرّ على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار، وصغيرته لاحقة بالكبائر.
وروي عن الحسن البِصَري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار.
قلت : هذا يقوله في زمانه، فكيف في زماننا هذا الذي يُرى فيه الإنسانُ مُكِبّاً على الظلم! حريصاً عليه لا يُقلِع، والسُّبْحَة في يده زاعماً أنه يستغفر الله من ذنبه وذلك استهزاء منه واستخفاف.
وفي التنزيل ﴿ وَلاَ تتخذوا آيَاتِ الله هُزُواً ﴾ [ البقرة : ٢٣١ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢١٠ ـ ٢١١﴾
قوله تعالى ﴿وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon