على رواية فتح اللام ؛ وقيل : إن فتح الميم لاتباع اللام ليبقى تفخيم اسم الله عز اسمه، و﴿ مّنكُمْ ﴾ حال من ﴿ الذين ﴾ و( من ) فيه للتبعيض، فيؤذن بأن الجهاد فرض كفاية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٧٠ ـ ٧١﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
و( لَمَّا ) حرف نفي أختُ ( لم ) إلاّ أنَّها أشدّ نفياً من ( لم )، لأنّ ( لم ) لِنفي قول القائل فَعَل فلان، و( لمّا ) لنفي قوله قد فعل فلان.
قاله سيبويه، كما قال : إنّ ( لا ) لنفي يفعل و( لن ) لنفي سيفعل و( ما ) لنفي لقد فعل و( لا ) لنفي هو يفعل.
فتدلّ ( لَمَّا ) على اتِّصال النَّفي بها إلى زمن التكلّم، بخلاف ( لم )، ومن هذه الدلالة استفيدت دلالة أخرى وهي أنّها تؤذن بأنّ المنفي بها مترقّب الثبوت فيما يستقبل، لأنَّها قائمة مقام قولك استمرّ النَّفي إلى الآن، وإلى هذا ذهب الزمخشري هنا فقال : و( لمّا ) بمعنى ( لم ) إلاّ أنّ فيها ضرباً من التوقُّع وقال في قوله تعالى :﴿ ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ﴾ سورة [ الحجرَات : ١٤ ] : فيه دلالة على أنّ الأَعراب آمنوا فيما بعد.
والقول في علم الله تقدّم آنفاً في الآية قبل هذه.
وأريد بحالة نفي علم الله بالَّذين جاهدوا والصَّابرين الكناية عن حالة نفي الجهاد والصّبر عنهم، لأنّ الله إذا علم شيئاً فذلك المعلوم محقّق الوقوع فكما كنّى بعلم الله عن التّحقق في قوله :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ] كنّى بنفي العلم عن نفي الوقوع.
وشرط الكناية هنا متوفّر وهو جواز إرادة المعنى الملزوم مع المعنى اللازم لِجواز إرادة انتفاء علم الله بجهادهم مع إرادة انتفاء جهادهم.