فقام أبو بكر فصعِد المنبر فقال : من كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لم يمت، ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشاكرين ﴾.
قال عمر :"فلكأنِّي لم أقرأها إلا يومئذ".
ورجع عن مقالته التي قالها فيما ذكر الوَائِلي أبو نصر عبيد الله في كتابه الإبانة : عن أنس بن مالك أنه سمع عمر بن الخطاب حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله ﷺ واستوى على مِنبر رسول الله ﷺ تشهد قبل أبي بكر فقال : أمّا بعد فإني قلت لكم أمس مقالة وأَنها لم تكن كما قلتُ، وإِني والله ما وجدت المقالة التي قلت لكم في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهِده إليّ رسول الله ﷺ، ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله ﷺ حتى يَدْبُرَنا يريد أن يقول حتى يكون آخرنا موتا فاختار الله عز وجل لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا لما هدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الوَائلي أبو نصر : المقالة التي قالها ثم رجع عنها هي "أن النبيّ ﷺ لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم" وكان قال ذلك لعظيم ما ورد عليه، وخشِي الفتنة وظهور المنافقين، فلما شاهد قوّة يقينِ الصدّيقِ الأكبرِ أبي بكر، وتفوّهه بقول الله عز وجل :﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت ﴾ [ آل عمران : ٨٥ ] وقوله :﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ﴾ [ الزمر : ٣٠ ] وما قاله ذلك اليوم تَنَبّهَ وتثبّتَ وقال : كأني لم أسمع بالآية إلا من أبي بكر.