والثالث : أن يكون المراد حفظ الله للرسول ﷺ وتخليصه من تلك المعركة المخوفة، فإن تلك الواقعة ما بقي سبب من أسباب الهلاك إلا وقد حصل فيها، ولكن لما كان الله تعالى حافظاً وناصراً ما ضره شيء من ذلك وفيه تنبيه على أن أصحابه قصروا في الذب عنه.
والرابع : وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله، فليس في إرجاف من أرجف بموت النبي ﷺ ما يحقق ذلك فيه أو يعين في تقوية الكفر، بل يبقيه الله إلى أن يظهر على الدين كله.
الخامس : أن المقصود منه الجواب عما قاله المنافقون، فإن الصحابة لما رجعوا وقد قتل منهم من قتل قالوا : لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، فاخبر الله تعالى أن الموت والقتل كلاهما لا يكونان إلا بإذن الله وحضور الأجل والله أعلم بالصواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٩ ـ ٢٠﴾
فصل
قال الفخر :
اختلفوا في تفسير الإذن على أقوال :
الأول : أن يكون الإذن هو الأمر وهو قول أبي مسلم، والمعنى أن الله تعالى يأمر ملك الموت بقبض الأرواح فلا يموت أحد إلا بهذا الأمر.
الثاني : أن المراد من هذا الإذن ما هو المراد بقوله :﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [ النحل : ٤٠ ] والمراد من هذا الأمر إنما هو التكوين والتخليق والإيجاد، لأنه لا يقدر على الموت والحياة أحد إلا الله تعالى، فإذن المراد : أن نفساً لن تموت إلا بما أماتها الله تعالى.