ضعفوا} أي مطلقاً في العمل ولا في غيره ﴿وما استكانوا﴾ أي وما خضعوا لأعدائهم فطلبوا أن يكونوا تحت أيديهم - تعريضاً بمن قال : اذهبَوا إلى أبي عامر الراهب ليأخذ لنا أماناً من أبي سفيان، بل صبروا، فأحبهم الله لصبرهم ﴿والله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿يحب الصابرين﴾ أي فليفعلن بهم من النصر وإعلاء القدر وجميع أنواع الإكرام فعل من يحبه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٦٣﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ ابن كثير "وكائن" على وزن كاعن ممدوداً مهموزاً مخففا، وقرأ الباقون "كأين" مشدوداً بوزن كعين وهي لغة قريش، ومن اللغة الأولى قول جرير :
وكائن بالأباطح من صديق.. يراني لو أصيب هو المصاب
وأنشد المفضل :
وكائن ترى في الحي من ذي قرابة... أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٢﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والتكثير المستفاد من ﴿ كأيّن ﴾ واقع على تمييزها وهو لفظ ( نبيء ) فيحتمل أن يكون تكثيراً بمعنى مطلق العدد، فلا يتجاوز جمع القلّة، ويحتمل أن يكون تكثيراً في معنى جمع الكثرة، فمنهم من علمناه ومنهم من لم نعلمه، كما قال تعالى :﴿ ومنهم من لم نقصص عليك ﴾، ويحضرني أسماء ستة مِمَّن قتل من الأنبياء : أرمياء قتلته بنو إسرائيل، وحزقيال قتلوه أيضاً لأنَّه وبّخهم على سوء أعمالهم، وأشعياء قتله منسا بن حزقيال ملك إسرائيل لأنَّه وبّخه ووعظه على سوء فعله فنشره بمنشار، وزكرياء، ويحيى، قتلتهما بنو إسرائيل لإيمانهما بالمسيح، وقتل أهلُ الرسّ من العرب نبيئهم حنظلة بن صفوان في مدّة عدنان، والحواريّون اعتقدوا أنّ المسيح قُتل ولم يهنوا في إقامة دينه بعده، وليس مراداً هنا وإنَّما العبرة بثبات أتباعه على دينه مع مفارقته لهم إذ العبرة في خلوّ الرسول وبقاء أتباعه، سواء كان بقتل أو غيره.


الصفحة التالية
Icon