على صدور ذنب وتقصير من المؤمنين ؛ فلهذا المعنى يجب عليهم تقديم التوبة والاستغفار على طلب النصرة، فبين تعالى أنهم بدأوا بالتوبة عن كل المعاصي وهو المراد بقوله :﴿ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ فدخل فيه كل الذنوب، سواء كانت من الصغائر أو من الكبائر، ثم إنهم خصوا الذنوب العظيمة الكبيرة منها بالذكر بعد ذلك لعظمها وعظم عقابها وهو المراد من قوله :﴿وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا﴾ لأن الإسراف في كل شيء هو الإفراط فيه، قال تعالى :﴿قُلْ ياعبادى الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ﴾ [ الزمر : ٥٣ ] وقال :﴿فَلاَ يُسْرِف فّى القتل﴾ [ الإسراء : ٣٣ ] وقال :﴿كُلُواْ واشربوا وَلاَ تُسْرِفُواْ﴾ [ الأعراف : ٣١ ] ويقال : فلان مسرف إذا كان مكثرا في النفقة وغيرها، ثم إنهم لما فرغوا من ذلك سألوا ربهم أن يثبت أقدامهم، وذلك بإزالة الخوف عن قلوبهم، وإزالة الخواطر الفاسدة عن صدورهم، ثم سألوا بعد ذلك أن ينصرهم على القوم الكافرين، لأن هذه النصرة لا بد فيها من أمور زائدة على ثبات أقدامهم، وهو كالرعب الذي يلقيه في قلوبهم، وأحداث أحوال سماوية أو أرضية توجب انهزامهم، مثل هبوب رياح تثير الغبار في وجوههم، ومثل جريان سيل في موضع وقوفهم،
ثم قال القاضي : وهذا تأديب من الله تعالى في كيفية الطلب بالأدعية عند النوائب والمحن سواء كان في الجهاد أو غيره. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon